أحزان!
د.لانا مامكغ
المرأة قلباً وعقلاً وشخصية
جريدة الرأي الأردنية
تجاوزتُ سن الثلاثين... تجاوزت إشارة مرور كان يتوجب عليّ الوقوف عندها طويلاً... أرقب التقويم السنوي بقلق، تؤرقني السنوات الهاربة... متعبة أنا من الانتظار، انتظار الذي لم يأت بعد، ولا أحسبه سيأتي لاحقاً...
عزباء ولست جميلة... حقيقة قرأتها دائماً في عيون الآخرين، من عائلة متوسطة محافظة، تعليمي متوسط، وأعمل في وظيفة متوسطة الدخل... مساحة باهتة من الأشياء اسمها الوسط! حلمت طويلاً بتجربة حب، لكني لم أملك الجرأة أو الاستعداد لخوضها، أو لأقل بصدق، لم يحدث أن تلقّيت دعوة حب من أي كان... وعليه، فالجميع يشيدون بأخلاقي وفضائلي واستقامتي! قلت لنفسي: مزايا كفيلة بتشجيع أحدهم للارتباط بي، لكن ذلك لم يحدث... ثم قلت: لن أستسلم لعقدة شكلي، المرأة ليست قالباً وحسب، بل قلباً وعقلاً وشخصية، لذلك اهتممت بثقافتي، وملأت قلبي بالمحبة للناس والدنيا... كنت مُدركة أني مؤهلة لمشاعر النقص... فواجهت مشكلتي بجرأة، وتجاوزتها، وعقدت سلاماً مع العالم!.
كل هذا والسنوات تمر، تهرب، تفر كفراشات شقيّة!.
أتقنت كل ما يلزم أن تتقنه امرأة، الحياكة، الطهو، الزراعة المنزلية، وقرأت كثيراً عن الأطفال وعلم نفس الطفولة.
أما عروض الزواج التي تلقيتها وأتلقاها فتحدث كما يلي: تعلن عن حالة طوارىء في بيتنا منذ تلقي خبر الزيارة، زيارة جمع من النسوة، أقارب العريس طبعاً، يترتب علي أن أجالسهن لأتيح لهن مشاهدتي... وأستسلم لعيون تراقبني، تحدّق بي، تخترقني... أعيش دقائق جهنمية حتى تنتهي الزيارة، لأجلس في انتظار الرد... ولم يحدث أن تلقيت رداً، كنّ يخرجن ولا يعدن ليعلن رسوبي في امتحان لا أعرف وسيلة الاستعداد له... ولا كيفية النجاح فيه!.
تمضي الأيام، وكل زيارة من تلك الزيارات تقتل فيّ شيئاً من إنسانيتي، وبعضاً من ثقتي بنفسي وبالحياة!.
ربي، لست أحلم سوى بزوج وبيت وأطفال... ربي أتراني أطلب الكثير؟.
ربي، يقولون إن الجميلات تعيسات في حياتهن... هل سألوا أنفسهم يوماً عن تعاسة غير الجميلات؟.